رحلة المليون

موضوع: رحلة المليون الثلاثاء أبريل 08, 2008 3:45 pm

قديما نصح أحد الحكماء مريضه بتناول سم الثعبان كترياق للشفاء من مرض عضال،
ورفض المريـض وذهب إلى آخر نصحه بتناول العسل
وفعل المريض وشفى.
وتصادف أن كسرت جرة العسل فوجد بداخلها ثعبانا ‍‍‍.
وماأكثر السم فى العسل فى واقع حياتنا اليوم ولكنه ـ للأسف ـ ليس ترياقا ولكنه سم حقيقى يقتل صاحبه لامحالة.
ولعل الفضائيات اليوم هى أكثر المتهمين بدس ذلك السم فى العسل لملايين المشاهدين.
ويأتى المشاهد المتطلع إلى "المليون" على قائمة ضحايا هذا السم والمخدوعين الحالمين بالعسل دون أن يشعر بسريان السم فى عروقه ..
الكل يتمنى ويلهث من أجل الحصول على المليون أو حتى نصف المليون وما درى أن هذا الحلم ـ لو تحقق ـ لكان الموت بعينه ولن ينقذه من الموت أحد حتى لو أشرك معه الجمهور أو إتصل بصديق أو حذف إجابتين …‍
‍تخيل صديقى حياة إنسان بسيط إعتاد العيش راضيا قانعا براتبه الشهـرى وهو بالكاد يكفيه، فجأة يصير مليونيرا فى لمح البصر!
لاشك ستنقلب حياته رأسا على عقب ولاشك أنه سيفلس قبل أن يغتنى..أتدرى لماذا ؟
!لأن رصيده من البساطة والقناعة والرضا سوف ينفد ليتحول إلى رصيد من التواكل والحرص والجشع.
ناهيك عن شغف الناس وولعهم وحديثهم عما صار فى يده وربما لم يـهـنأ بالإستمتاع بإنفاق ذلك المليون حتي يكون حسد الناس له قد تمكن منه
فيفقد بذلك صحته أو سعادته أو حتى حياته …
وفى كل أحواله هو خاسر وسيظل عالقا بأذهان الناس أن فلانا هذا إنما إغتنى بعد فقر بسبب ربحه المليون
وما تزال هذه الصفة ملتصقة بأبنـائـه وأحفاده إلى عاشر جيل ولن يشفع لأحدهم ثراؤه بسبب علمه أو قدراته الإبداعية ولكن الفضل سيظل لهذا المليون الذى ورثه من يوم من الأيام جده السالف عشر!!
وقديما لم تكن هناك فضائيات يتعلق الناس بأهدابـها طمعا فى الحصول على المليون وإن عاش بين ظهرانيهم الرسول الكريم صلى عليه وسلم مستجاب الدعوة
وما أيسر أن يدعو بالغنى والثراء لتستجاب دعوته
ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل لمنافاة ذلك لفطرة الحياة وحكمة خلق الإنسان وسعيه فى هذه الدنيا . حتى"ثـعلـبة" الصحابى الذى لم يكن يتخلف عن الصف الأول فى الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عندما سأل الرسول أن يدعوله بكثرة المال لم يستطع أن يستوعب نصح الرسول صلى الله عليه وسلم له:{ قليل من المال تطيقه خير من كثير لا تؤدى شكره } أو كما قال..
وأمام إصراره دعى له الرسول صلى الله عليه وسلم بالغنى واستجيبت دعوته
وصار ثعلبة من أغنى الأغنياء ، ولكنه للأسف مات على النفاق لأنه فعلا لم يؤد حق هذا المال..
إن حلم المليون هو بداية النهاية ولعا بهذا الخيط الرفيع من العسل الذى يتمنى الجميع أن تطاله أصابعهم ثم لعقها لتذوقه بعد أن سال له لعابهم غير عابئين بما إنطوى عليه ذلك الخيط من سم زعاف فيه الموت المحقق.. وهكذا سيظل الناس يدورون فى فلك حلم المليون بحثا عن الثراء والغنى حتى مع فقدان السعادة مدفوعين برغبة جارفة فى حدوث طفرة فى حياتهم .وما أخطر الطفرة حين لا تتسسب فى تحسين حياتنا ولكن تعمل على تدميرها وذلك بإنتاج جيل من الكسالى والحالمين بالوهم والثراء المفاجىء دون أن يقدموا ليومهم عملا يبنون عليه مستقبلهم..
وليتنا نفيق ونحاول أن نتبين ما يقدم إلينا هل هو حقا عسلا ؟ أم هو فى الحقيقة سـما ؟!
( انتهى )
ملحوظة: نشر هذا المقال في المجلة العربية ( السعودية)

سلمت الأنامل التي خطت والفكر الذي أبدع كلمات من ألماس ..

المرء منا يضحي بالشباب والصحة والحب من أجل المال وعندما يحصل عليه يتمنى أن يضحي به ليرد ما فقد من أجله.

تقبل تحياتي واحترامي ..

حياك الله يامبدعة ويارائعة منتدانا استاذة حور

حياك الله دكتورنا و شكرا على الكلام العسل ..

تحياااتي وتقديري