اوراق الخريف

موضوع: اوراق الخريف الجمعة أبريل 11, 2008 10:17 pm

في الصغر ماكنت لأكثرث بالمشيب ولا بالشعر الأبيض.

وفى مقتبل العمر كنت أنظر الى من يصطبغ نظرة إستياء واشمئزاز ، وأحس أنه متصابى مر به قطار العمر ومازال يمسك بأهدابه البالية !

وتسرب المشيب الى رأسى قبل الأوان

وبدت أوراق الخريف الصفراء تتغلغل وتطغى على أيكته الخضراء ...

ولكن بغير أمل فى عودة الربيع من جديد.

وتسرب الخوف الى نفسى كلما نظرت فى المرآة ، وهالنى ما انتشر فيه من الشيب هنا وهناك حتى كاد يغطى رأسى كله وإن لم أجاوز الأربعين .

وعندما سافرت الى إحدى مدن المملكة تقابلت مع شيخ كبير ذو مكانة ووقار ، فنظر الى وسألنى : لماذ لا تصطبغ ؟ فأنت مازلت شابا!

أجبته : فى الحقيقة أنا لا أحب الصباغ كما أنى كلف من استعمال الحناء .
رد : لا عليك سأصف لك نوعاً من الصباغ مع الحناء سيعيد الى شعرك لونه الأسود ورونقه وأشار الى شعر رأسه ولحيته التى بدت جميلة فاحمة السواد

وعدنى باحضار بعضا مما يستعمله .

فى الغد أوفى بوعده فأحضر كيسا من “ الكتم “- هكذا سماه- ثم وصف لى طريقة استخدامه مع الحناء .

عدت الى بيتى وقلت لا بأس من التجربة .

أعددت العدة لخوض غمار المعركة ... معركة تغيير المشيب !!

وصنعت من " الكتم " عجينة وزعتها على رأسى بين منابت الشعر-كما وصف لى الشيخ –

أحسست مثل لسعات النحل فى رأسى

، تحول الى مثل لهيب النار

كدت أخور من شدة الألم فأسرعت كالمجنون الى الصنبور لأزيل آثار المعركة

تحول الحمام مع المياة المتساقطة من رأسى الى مثل حانوت الصباغ الذى كان يصبغ أردية النساء قديما بالسواد فى أحياء مصر القديمة .

أنظلقت أجفف رأسى مذعوراً مع الألم والخوف والهلع من فقدان شعرى للأبد .

نظرت بعدها فى المرآة فإذا شعرى قد تلون بلون أزرق كزرقة ريش الطاووس يتبدل ويتغير فى قتامته وزرقته مع انعكاس الضوء عليه بشكل يثير الغثيان !

على الفور كنت فى الحانوت الذى أسكن فوقه

أشرت الى نوع من الأصباغ الموضوعة على الرف .

دون أن ينطق نظر الى شعرى

فهم

ناولنى نوعا رخيصا ولكنه يفى بالغرض

وضعت الصباغ على شعرى فأخفى معالم التجربة الفاشلة وإن لم يخف آثار الشيب تماما ، فما زالت هناك بضع شعرات تطل من هنا وهناك وبدت رأسى كلوحة عبثية لفنان مبتدىء مخبول

وقبل أن ينكشف البياض مع الوقت كنت أعالجه بنوع آخر من الصباغ وهكذا دخلت فى دائرة من البحث والتنقيب عن كل ما هو جديد

عدت الى بيتى بعد غياب
قابلتنى زوجتى بالترحاب
نظرت الى شعرى فى ثوبه الجديد ولم تعلق .

بعد أيام كنت أتنسم هواء الشرفة

وقع بصرى على صورتى فى زجاج النافذة

لقد بدأ الصباغ ينكشف من جديد ومعه تبدو خصلات شعرى النابتة متسللة من أسفل فى ثوبها الفضى .

لمحت زوجتى قادمة نظرت أمامى متظاهراً بالإنشغال فى إلتقاط غصن من شجرة اللبلاب الممتد على سور الشرفةوقد ذبلت أوراقه وأصفرت وتداعت متساقطه .

دخلت زوجتى

نظرت الى ثم انتقلت ببصرها الى عود شجرة اللبلاب

سكتت برهة

اقتربت منى

وضعت يدها على كتفى وبحنو قالت لى : إنى أحبك ...

احبك. لذلك الرباط الروحى الذى ربط بيننا والذى إزداد مع العشرة وطول الأيام

وأحبك الآن أكثر وأنت بشعرك الأبيض الذى يضفى عليك سحراً ووقاراً !!

أحسست بقشعريرة تسرى فى بدنى وبراحة تغمر نفسى وإن كنت أدرك أن ما قالته زوجتى ربما كان كلمة الحق التى أريد بها باطل .

ولما لا وهى تريد بقاء عصفورها رهين قفص الزوجية ، أو شبابه رهين الشيب والمشيب !! حتى لا يكون مطمعا لغيرها من بنات جنسها..
ومهما كانت الأسباب فقد كان لوقع كلماتها عظيم الأثر في نفسى

وكان قرارى بما أشارت به بعدم الأصطباغ

واستقام مع قرارى هذا كل شىء

( إنتهى )

احبك. لذلك الرباط الروحى الذى ربط بيننا والذى إزداد مع العشرة وطول الأيام

اوراق الخريف 6774813181997eb8

وأحبك الآن أكثر وأنت بشعرك الأبيض الذى يضفى عليك سحراً ووقاراً

إنها ليست أوراق الخريف بل زهور الربيع التي لا يخبو عبيرها بمرور الأيام

عظمة على عظمة يا دكتور

الصورة روعة

والكلام اجمل

كلام جميل

قمة في البراءة والشفافية

تحياتي

موضوع: رد: اوراق الخريف الخميس مايو 22, 2008 6:26 pm

كلام جميل
تقبل مروري